فصل: فصل: اللقيط حر لا ولاء عليه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏والولاء لأقرب عصبة المعتق‏]‏

وجملة ذلك أن المولى العتيق إذا لم يخلف من نسبه من يرث ماله‏,‏ كان ماله لمولاه على ما أسلفناه فإن كان مولاه ميتا فهو لأقرب عصبته سواء كان ولدا أو أبا‏,‏ أو أخا أو عما أو ابن عم أو عم أب وسواء كان المعتق ذكرا أو أنثى فإن لم يكن له عصبة من نسبه‏,‏ كان الميراث لمولاه ثم لعصباته الأقرب فالأقرب ثم لمولاه وكذلك أبدا روى هذا عن عمر رضي الله عنه وبه قال الشعبي‏,‏ والزهري وقتادة ومالك‏,‏ والثوري والأوزاعي والشافعي وأبو حنيفة وصاحباه وقد روى عن على رضي الله عنه ما يدل على أن مذهبه في امرأة ماتت وخلفت ابنها وأخاها‏,‏ أو ابن أخيها أن ميراث مواليها لأخيها وابن أخيها دون ابنها وروى عنه الرجوع إلى مثل قول الجماعة‏,‏ فروى عن إبراهيم أنه قال‏:‏ اختصم على والزبير في موالى صفية بنت عبد المطلب فقال على‏:‏ أنا أحق بهم أنا أرثهم وأعقل عنهم وقال الزبير‏:‏ هم موالى أمي‏,‏ وأنا أرثهم فقضى عمر للزبير بالميراث والعقل على على رواه سعيد قال‏:‏ حدثنا أبو معاوية حدثنا عبيدة الضبي‏,‏ عن إبراهيم وقال‏:‏ ثنا هشيم ثنا الشيباني عن الشعبي قال‏:‏ قضى بولاء موالى صفية للزبير دون العباس وقضى عمر في موالى أم هانئ بنت أبي طالب لأبيها جعدة بن هبيرة دون على وروى الإمام أحمد بإسناده عن زياد بن أبي مريم ‏(‏‏(‏أن امرأة أعتقت عبدا لها ثم توفيت‏,‏ وتركت ابنا لها وأخاها ثم توفي مولاها من بعدها فأتى أخو المرأة وابنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ميراثه فقال عليه السلام‏:‏ ميراثه لابن المرأة فقال أخوها‏:‏ يا رسول الله‏,‏ لو جر جريرة كانت على ويكون ميراثه لهذا قال‏:‏ نعم ‏)‏‏)‏ وروى بإسناده عن سعيد بن المسيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ‏(‏‏(‏ المولى أخ في الدين‏,‏ ومولى النعمة يرثه أولى الناس بالمعتق ‏)‏‏)‏ إذا ثبت هذا فإن المعتقة إذا ماتت وخلفت ابنها وأخاها أو ابن أخيها ثم مات مولاها فميراثه لابنها‏,‏ وإن مات ابنها بعدها وقبل مولاها وتركت عصبة كأعمامه وبني أعمامه‏,‏ ثم مات العبد وترك أخا مولاته وعصبة ابنها فميراثه لأخى مولاته لأنه أقرب عصبة المعتق‏,‏ فإن المرأة لو كانت هي الميتة لورثها أخوها وعصبتها فإن انقرض عصبتها كان بيت المال أحق به من عصبة أبيها‏,‏ ويروى نحو هذا عن على وبه قال أبان بن عثمان وقبيصة بن ذؤيب وعطاء‏,‏ وطاوس والزهري ومالك‏,‏ والشافعي وأهل العراق وروى عن على رواية أخرى أنه لعصبة الابن وروى نحو ذلك عن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب وبه قال شريح وهذا يرجع إلى أن الولاء لا يورث كما يورث المال وقد روى عن أحمد نحو هذا واحتجوا بأن عمرو بن شعيب روى عن أبيه عن جده‏,‏ أن رئاب بن حذيفة تزوج امرأة فولدت له ثلاثة غلمة‏,‏ فماتت أمهم فورثوا عنها ولاء مواليها وكان عمرو بن العاص عصبة بنيها‏,‏ فأخرجهم إلى الشام فماتوا فقدم عمرو بن العاص‏,‏ ومات مولاها وترك مالا فخاصمه إخوتها إلى عمر‏,‏ فقال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ ما أحرز الوالد والولد فهو لعصبته من كان ‏)‏‏)‏ قال‏:‏ وكتب له كتابا فيه شهادة عبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت ورجل آخر قال فنحن فيه إلى الساعة رواه أبو داود‏,‏ وابن ماجه في ‏"‏ سننهما ‏"‏ والصحيح الأول فإن الولاء لا يورث على ما ذكرنا من قبل وإنما يورث به وهو باق للمعتق يرث به أقرب عصباته‏,‏ ومن لم يكن من عصباته لم يرث شيئا وعصبات الابن غير عصبات أمه فلا يرث الأجانب منها بولائها دون عصباتها وحديث عمرو بن شعيب غلط‏,‏ قال حميد‏:‏ الناس يغلطون عمرو بن شعيب في هذا الحديث فعلى هذا لا يرث المولى العتيق من أقارب معتقه إلا عصباته الأقرب منهم فالأقرب على ما ذكرنا في ترتيب العصبات ولا يرث ذو فرض بفرضه ولا ذو رحم فإن اجتمع لرجل منهم فرض وتعصيب كالأب والجد والزوج والأخ من الأم إذا كانا ابني عم‏,‏ ورث بما فيه من التعصيب ولم يرث بفرضه شيئا وإن كان عصبات في درجة واحدة كالبنين وبنيهم‏,‏ والإخوة وبنيهم والأعمام وبنيهم اقتسموا الميراث بينهم بالسوية وهذا كله لا خلاف فيه سوى ما ذكرنا من الأقوال الشاذة والله أعلم‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وإذا مات المعتق وخلف أبا معتقه وابن معتقه‏,‏ فلأبي معتقه السدس وما بقي فللابن‏]‏

نص أحمد على هذا في رواية جماعة من أصحابه وكذلك قال في جد المعتق وابنه وقال‏:‏ ليس الجد والأخ والابن من الكبر في شيء يجزيهم على الميراث وهذا قول شريح‏,‏ والنخعي والأوزاعي والعنبري‏,‏ وإسحاق وأبي يوسف ويروى عن زيد أن المال للابن وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء‏,‏ والشعبي والحسن والحكم‏,‏ وقتادة وحماد والزهري‏,‏ ومالك والثوري وأبو حنيفة‏,‏ ومحمد والشافعي وأكثر الفقهاء لأن الابن أقرب العصبة والأب والجد يرثان معه بالفرض‏,‏ ولا يرث بالولاء ذو فرض بحال ولنا أنه عصبة وارث فاستحق من الولاء كالأخوين‏,‏ ولا نسلم أن الابن أقرب من الأب بل هما في القرب سواء وكلاهما عصبة لا يسقط أحدهما صاحبه وإنما هما يتفاضلان في الميراث فكذلك في الإرث بالولاء‏,‏ ولذلك يقدم الأب على الابن في الولاية والصلاة على الميت وغيرهما وحكم الأب مع ابن الابن وإن سفل حكم الجد وإن علا مع الابن وابنه سواء‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وإن خلف أخا معتقه وجد معتقه فالولاء بينهما نصفين‏]‏

وبهذا قال عطاء‏,‏ والليث ويحيى الأنصاري ومال إليه الأوزاعي وهو قول الشافعي وقول الثوري وأبي يوسف ومحمد والذين نزلوا الجد أبا جعلوا الجد أولى‏,‏ وورثوه وحده وروى عن زيد أن المال للأخ وهو قول مالك وقول للشافعي لأن الأخ ابن الأب والجد أبوه‏,‏ والابن أحق من الأب ولنا أنهما عصبتان يرثان المال نصفين فكان الولاء بينهما نصفين‏,‏ كالأخوين وإن ترك جد مولاه وابني أخي مولاه فالمال لجده في قولهم جميعا إلا مالكا جعل الميراث لابن الأخ وإن سفل وقاله الشافعي أيضا لأن ابن الابن وإن سفل يقدم على الأب وليس هذا بصواب فإن ابن الأخ محجوب عن الميراث بالجد‏,‏ فكيف يقدم عليه ولأن الجد أولى بالمعتق من ابن الأخ فيرث مولاه لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ المولى أخ في الدين وولى نعمة يرثه أحق الناس بالمعتق ‏)‏‏)‏ والدليل على أن الجد أولى أنه يرث ابن ابنه دون ابن الأخ‏,‏ فيكون أولى لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ ألحقوا الفرائض بأهلها وما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر ‏)‏‏)‏ وفي لفظ‏:‏ ‏(‏‏(‏ فلأولى عصبة ذكر ‏)‏‏)‏ ولأن الجد أب فيقدم على ابن الأخ‏,‏ كالأب الحقيقى ولأنه يقدم في ميراث المال فقدم في الميراث بالولاء كسائر العصبات‏.‏

فصل‏:‏

فإن اجتمع إخوة وجد‏,‏ فميراث المولى بينهم كمال سيده وإن اجتمع إخوة من أبوين وإخوة من أب عاد الإخوة من الأبوين الجد بالإخوة من الأب‏,‏ ثم ما حصل لهم أخذه ولد الأبوين وقال ابن شريح‏:‏ يحتمل أنه بينهم على عددهم ولا يعاد ولد الأبوين الجد بولد الأب ولنا أنه ميراث بين الجد والإخوة‏,‏ فأشبه الميراث بالنسب فإن كان مع الإخوة أخوات لم يعتد بهن لأنهن لا يرثن منفردات‏,‏ فلا يعتد بهن كالإخوة من الأم وإن انفرد الإخوة من الأب مع الجد‏,‏ فحكمهم حكم الإخوة من الأبوين‏.‏

فصل‏:‏

وإن ترك جد مولاه وعم مولاه فهو للجد وكذلك إن ترك جد أبي مولاه وعم مولاه أو جد جد مولاه وعم مولاه‏,‏ فهو للجد وبه يقول الثوري والأوزاعي وأهل العراق وقال الشافعي‏:‏ هو للعم وبنيه وإن سفلوا‏,‏ دون جد الأب وهو قياس قول مالك قال الشافعي‏:‏ ومن جعل الجد والأخ سواء فجد الأب والعم سواء وهو أولى من ابن العم ولنا‏,‏ قول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ يرثه أولى الناس بالمعتق ‏)‏‏)‏ والجد أولى بالمعتق بدليل أنه أولى الناس بماله وولايته ويقدم في تزويجه والصلاة عليه وغير ذلك والعجب أن الشافعي رحمة الله عليه‏,‏ نزل الجد أبا في ولاية المال وولاية الإجبار على النكاح ووافق غيره في وجوب الإنفاق عليه وله وعتقه على ابن ابنه وعتق ابن ابنه عليه‏,‏ وانتفاء القصاص عنه بقتل ابن ابنه والحد بقذفه وغير ذلك من أحكام الأب‏,‏ ثم جعل أبعد العصبات أولى منه بالولاء‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وإذا هلك رجل عن ابنين ومولى فمات أحد الابنين بعده عن ابن ثم مات المولى‏,‏ فالولاء لابن معتقه لأن الولاء للكبر ولو هلك الابنان بعده وقبل المولى وخلف أحدهما ابنا والآخر تسعة‏,‏ كان الولاء بينهم على عددهم لكل واحد منهم عشره‏]‏

هذا قول أكثر أهل العلم قال الإمام أحمد‏:‏ روى هذا عن عمر وعثمان‏,‏ وعلى وزيد وابن مسعود وروى سعيد ثنا هشيم‏,‏ ثنا أشعث بن سوار عن الشعبي أن عمر‏,‏ وعليا وابن مسعود وزيدا‏,‏ كانوا يجعلون الولاء للكبر وروى ذلك عن ابن عمر وأبي بن كعب وأبي مسعود البدري‏,‏ وأسامة بن زيد وبه قال عطاء وطاوس وسالم بن عبد الله‏,‏ والحسن وابن سيرين والشعبي‏,‏ والنخعي والزهري وقتادة‏,‏ وابن قسيط ومالك والثوري‏,‏ والشافعي وإسحاق وأبو ثور‏,‏ وأصحاب الرأي وداود كلهم قالوا‏:‏ الولاء للكبر وتفسيره أنه يرث المولى المعتق من عصبات سيده أقربهم إليه وأولاهم بميراثه يوم موت العبد قال ابن سيرين‏:‏ إذا مات المعتق نظر إلى أقرب الناس إلى الذي أعتقه‏,‏ فيجعل ميراثه له وإذا مات السيد قبل مولاه لم ينتقل الولاء إلى عصبته لأن الولاء كالنسب‏,‏ لا ينتقل ولا يورث وإنما يورث به‏,‏ فهو باق للمعتق أبدا لا يزول عنه بدليل قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏‏(‏ إنما الولاء لمن أعتق ‏)‏‏)‏ وقوله‏:‏ ‏(‏‏(‏ الولاء لحمة كلحمة النسب ‏)‏‏)‏ إنما يرث عصبة السيد مال مولاه بولاء معتقه‏,‏ لا نفس الولاء ويتضح معنى هذا القول بمسألتى الخرقي اللتين ذكرناهما ها هنا وهما‏:‏ إذا مات رجل عن ابنين ومولى فمات أحد الابنين بعده عن ابن ثم مات المولى‏,‏ ورثه ابن معتقه دون ابن ابن معتقه لأن ابن معتقه أقرب عصبة سيده ولو مات السيد وخلف ابنه وابن ابنه لكان ميراثه لابنه‏,‏ دون ابن ابنه فكذلك إذا مات المولى والمسألة الأخرى إذا هلك الابنان بعده‏,‏ وقبل مولاه وخلف أحدهما ابنا والآخر تسعة‏,‏ ثم مات المولى كان ميراثه بينهم على عددهم لكل واحد منهم عشره لأن السيد لو مات كان ميراثه بينهم كذلك فكذلك ميراث‏,‏ مولاه ولو كان الولاء موروثا لانعكس الحكم في المسألتين فكان الميراث في المسألة الأولى بين الابن وابن الابن لأن الابنين ورثا الولاء عن أبيهما‏,‏ ثم ما صار للابن الذي مات انتقل إلى ابنه فصار ميراث المولى بينه وبين عمه نصفين وفي المسألة الثانية يصير لابن الابن المنفرد نصف الولاء بميراثه ذلك عن ابنه ولبني الابن الآخر النصف بينهم على عددهم وشذ شريح فقال‏:‏ الولاء بمنزلة المال‏,‏ يورث عن المعتق فمن ملك شيئا حياته فهو لورثته وقد حكى عن عمر‏,‏ وعلى وابن عباس وابن المسيب‏,‏ نحو هذا وروى عن حنبل ومحمد بن الحكم عن أحمد نحوه وغلطهما أبو بكر في روايتهما‏,‏ فإن الجماعة رووا عن أحمد مثل قول الجمهور قال أبو الحارث‏:‏ سألت أبا عبد الله عن الولاء للكبر فقال‏:‏ كذا روى عن عمر وعثمان‏,‏ وعلى وزيد وابن مسعود‏,‏ أنهم قالوا‏:‏ الولاء للكبر إلى هذا القول أذهب وتفسير ذلك أن يعتق الرجل عبدا ثم يموت ويخلف ابنين‏,‏ فيموت أحد الابنين ويخلف ابنا فولاء هذا العبد المعتق لابن المعتق وليس لابن الابن شيء مع الابن وحجة شريح حديث عمرو بن شعيب الذي ذكرناه والقياس على المال ولنا‏,‏ قول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ المولى أخ في الدين وولى نعمة وأولى الناس به أقربهم من المعتق ‏)‏‏)‏ وقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏‏(‏ الولاء لمن أعتق ‏)‏‏)‏ وقوله‏:‏ ‏(‏‏(‏ الولاء لحمة كلحمة النسب ‏)‏‏)‏ ولأنه من أسباب التوارث‏,‏ فلم يورث كالقرابة والنكاح ولأنه إجماع من الصحابة ولم يظهر عنهم خلافه فلا يجوز مخالفته وحديث عمرو بن شعيب قد غلطه العلماء فيه‏,‏ ولم يصح عن أحد من الصحابة خلاف هذا القول وحكاه الشعبي والأئمة عن عمر ومن ذكرنا قولهم ولا يصح اعتبار الولاء بالمال لأن الولاء لا يورث بدليل أنه لا يرث منه ذوو الفروض وإنما يورث به فينظر أقرب الناس إلى سيده من عصباته يوم موت العبد والمعتق‏,‏ فيكون هو الوارث للمولى دون غيره كما أن السيد لو مات في تلك الحال ورثه وحده فإذا خلف ابن مولاه‏,‏ وابن ابن مولاه فماله لابن مولاه وإن خلف ابن ابن مولاه وتسعة بني ابن آخر لمولاه‏,‏ فماله بينهم على عددهم لكل واحد عشره لأنهم يرثون جدهم كذلك ولو خلف السيد ابنه وابن ابنه فمات ابنه بعده عن ابن‏,‏ ثم مات عتيقه فميراثه بين ابني الابن نصفين وفي قول شريح هو لابن الابن الذي كان حيا عند موت ابنه وإن مات السيد عن أخ من أب ابن أخ من أبوين‏,‏ فمات الأخ من الأب عن ابن ثم مات العتيق فماله لابن الأخ من الأبوين وفي قول شريح‏,‏ هو لابن الأخ من الأب وإن لم يخلف عصبة من نسب مولاه فماله لمولى مولاه ثم لأقرب عصباته‏,‏ ثم لمولى مولاه فإذا انقرض عصباته وموالى الموالى وعصباتهم فماله لبيت المال‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏ومن أعتق عبدا‏,‏ فولاؤه لابنه وعقله على عصبته‏]‏

هذه المسألة محمولة على أن المعتق لم يخلف عصبة من نسبه ولا وارثا منهم‏,‏ إذ لو خلف وارثا من نسبه أو عصبته كانوا أحق بميراثه وعقله من عصبات مولاه وولده فليس في ذلك إشكال وإذا لم يخلف إلا ابن مولاه وعصبة مولاه‏,‏ فماله لابن مولاه لأنه أقرب عصبات المعتق وعقله إن جنى جناية على عصبة مولاه إن كان المعتق امرأة لما روى إبراهيم قال‏:‏ اختصم على والزبير في مولى صفية فقال على‏:‏ مولى عمتى وأنا أعقل عنه وقال الزبير‏:‏ مولى أمى وأنا أرثه فقضى عمر للزبير بالميراث‏,‏ وقضى على على بالعقل ذكر هذا الإمام أحمد ورواه سعيد في ‏"‏ السنن ‏"‏ وغيره وهي قضية مشهورة‏,‏ وعن الشعبي قال‏:‏ قضى بولاء صفية للزبير دون العباس وقضى بولاء أم هانئ لجعدة بن هبيرة دون على ولا يمتنع كون العقل على العصبة والميراث لغيرهم كما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بميراث التي قتلت هي وجنينها لبنيها‏,‏ وعقلها على العصبة وقد روى زياد بن أبي مريم ‏(‏‏(‏ أن امرأة أعتقت عبدا لها ثم توفيت وتركت ابنا لها وأخاها ثم توفي مولاها من بعدها‏,‏ فأتى أخو المرأة وابنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ميراثه فقال عليه السلام‏:‏ ميراثه لابن المرأة فقال أخوها‏:‏ لو جر جريرة كانت على ويكون ميراثه لهذا‏,‏ قال‏:‏ نعم ‏)‏‏)‏ وإنما حملنا مسألة الخرقي على ما إذا كان المعتق امرأة لأن الأخبار التي رويناها إنما وردت فيها ولأن المرأة لا تعقل وابنها ليس من عشيرتها‏,‏ فلا تعقل عن معتقها وعقل عنها عصباتها من عشيرتها أما الرجل المعتق فإنه يعقل عن معتقه لأنه عصبة من أهل العقل ويعقل ابنه وأبوه لأنهما من عصباته وعشيرته‏,‏ فلا يلحق ابنه في نفي العقل عنه بابن المرأة والله أعلم‏.‏

فصل‏:‏

فإن كان المولى حيا وهو رجل عاقل موسر فعليه من العقل وله الميراث لأنه عصبة معتقه‏,‏ وإن كان صبيا أو امرأة أو معتوها فالعقل على عصباته والميراث له لأنه ليس من أهل العقل فأشبه ما لو جنوا جناية خطأ‏,‏ كان العقل على عصباتهم ولو جنى عليهم كان الأرش لهم‏.‏

فصل‏:‏

ولا يرث المولى من أسفل معتقه في قول عامة أهل العلم وحكى عن شريح وطاوس‏,‏ أنهما ورثاه لما روى سعيد عن سفيان عن عمرو بن دينار‏,‏ عن عوسجة عن ابن عباس ‏(‏‏(‏ أن رجلا توفي على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس له وارث إلا غلام له هو أعتقه فأعطاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ميراثه ‏)‏‏)‏ قال الترمذي‏:‏ هذا حديث حسن وروى عن عمر نحو هذا ولنا‏,‏ قول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ إنما الولاء لمن أعتق ‏)‏‏)‏ ولأنه لم ينعم عليه فلم يرثه كالأجنبي‏,‏ وإعطاء النبي -صلى الله عليه وسلم- له قضية في عين يحتمل أن يكون وارثا بجهة غير الإعتاق وتكون فائدة الحديث أن إعتاقه له لم يمنعه ميراثه ويحتمل أنه أعطاه صلة وتفضلا إذا ثبت أنه لا يرثه فلا يعقل عنه وقال الشافعي في القديم‏:‏ يعقل عنه لأنه سيده أنعم عليه‏,‏ فجاز أن يغرم عنه ولنا أن العقل على العصبات وليس هذا منهم وما ذكره لا أصل له‏,‏ وينعكس كسائر العاقلة فإنه لم ينعم عليه ويعقلون عنه وينتقض بما إذا قضى إنسان دين آخر‏,‏ فقد غرم عنه ولا يعقل‏.‏

فصل‏:‏

فإن أسلم الرجل على يدي الرجل لم يرثه بذلك في قول عامة أهل العلم‏,‏ منهم الحسن والشعبي ومالك‏,‏ والشافعي وأصحاب الرأي وقد روى عن أحمد -رحمه الله- رواية أخرى أنه يرثه وهو قول إسحاق وحكى عن إبراهيم أن له ولاءه ويعقل عنه وعن ابن المسيب‏:‏ إن عقل عنه ورثه وإن لم يعقل عنه لم يرثه وعن عمر بن الخطاب‏,‏ وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما أنه يرثه وإن لم يواله لما روى راشد بن سعد قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ من أسلم على يديه رجل فهو مولاه‏,‏ يرثه ويدى عنه ‏)‏‏)‏ رواه سعيد وقال أيضا‏:‏ حدثنا عيسى بن يونس ثنا معاوية بن يحيى الصدفي عن القاسم الشامى عن أبي أمامة قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ من أسلم على يديه رجل فله ولاؤه ‏)‏‏)‏ وروى بإسناده عن تميم الداري‏,‏ أنه ‏(‏‏(‏ قال‏:‏ يا رسول الله ما السنة في الرجل يسلم على يدي الرجل من المسلمين‏؟‏ فقال‏:‏ هو أولى الناس بمحياه ومماته ‏)‏‏)‏ رواه أبو داود والترمذي وقال‏:‏ لا أظنه متصلا ولنا‏,‏ قول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ إنما الولاء لمن أعتق ‏)‏‏)‏ ولأن أسباب التوارث غير موجودة فيه وحديث راشد مرسل وحديث أبي أمامة فيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف‏,‏ وحديث تميم تكلم الترمذي فيه‏.‏

فصل‏:‏

وإن عاقد رجل رجلا فقال‏:‏ عاقدتك على أن ترثني وأرثك وتعقل عني وأعقل عنك فلا حكم لهذا العقد ولا يتعلق به إرث ولا عقل وبه قال الشافعي وقال الحكم‏,‏ وحماد وأبو حنيفة‏:‏ هو عقد صحيح ولكل واحد منهما أن يرجع عنه ما لم يعقل واحد عن الآخر‏,‏ فإذا عقل عنه لزم ويرثه إذا لم يخلف ذا رحم لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم‏}‏ ولأن هذا كالوصية‏,‏ ووصية الذي لا وارث له بجميع ماله جائزة ولنا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ إنما الولاء لمن أعتق ‏)‏‏)‏ ولأن أسباب التوارث محصورة في رحم ونكاح وولاء وليس هذا منها‏,‏ والآية منسوخة بآية الميراث ولذلك لا يرث مع ذى رحم شيئا قال الحسن‏:‏ نسختها‏:‏ ‏{‏وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله‏}‏ وقال مجاهد‏:‏ فآتوهم نصيبهم من العقل والنصرة والرفادة وليس هذا بوصية لأن الوصى لا يعقل فله الرجوع‏,‏ وهذا عندهم بخلافه‏.‏

فصل‏:‏

واللقيط حر لا ولاء عليه في قول الجمهور وفقهاء الأمصار وروى عن عمر أن ولاءه لملتقطه وبه قال الليث‏,‏ وإسحاق وعن إبراهيم‏:‏ إن نوى أن يرث منه فذلك وقد روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ المرأة تحوز ثلاثة مواريث لقيطها وعتيقها وولدها الذي لاعنت عليه ‏)‏‏)‏ ولنا‏,‏ قول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ إنما الولاء لمن أعتق ‏)‏‏)‏ ولأنه ليس بقرابة ولا عتيق ولا ذى نكاح فلا يرث كالأجنبي والحديث فيه كلام‏.‏